الفنان إيهاب صبحي.. رحلة كفاح من الورشة إلى قلوب الجماهير
ولد الفنان إيهاب صبحي عام 1982 في قرية أبو بري التابعة لمركز أبو حماد بمحافظة الشرقية، ونشأ في بيئة ريفية بسيطة، يملؤها الحلم والعمل والكفاح. لم تكن بداياته تشي بما سيؤول إليه مستقبله، فقد اضطر إلى ترك الدراسة مبكرًا في الصف الرابع الابتدائي، ليتجه إلى مهنة الميكانيكا، ويبدأ رحلة شاقة من الكفاح اليومي لتأمين لقمة العيش وبناء مستقبل كريم.
البداية من الورشة
من داخل الورشة الميكانيكية، حيث تتصاعد أصوات المعدات وتعلو رائحة الزيوت، وُلد حب إيهاب للفن. لم يكن يمتلك أدوات النجومية في ذلك الوقت، ولا دروسًا في المقامات أو الغناء، لكنه كان يمتلك شيئًا لا يُشترى ولا يُدرس: الموهبة الفطرية والشغف الصادق بالغناء، خاصة اللون الشعبي القريب من الناس.
طوال سنوات شبابه، لم تفارقه رغبته في أن يصبح فنانًا معروفًا، لكنه لم يترك مهنته أيضًا. فقد كان يؤمن أن الموهبة لا تعني التخلي عن المسؤولية، بل التوازن بين الحلم والواقع، وكان مثالًا حيًا لذلك، حيث ظل يعمل في الميكانيكا، يربي أسرته، ويغني كلما سنحت له الفرصة.
رحلة شخصية وإنسانية
تزوّج إيهاب صبحي، وأنجب ولدَين وبنتًا، ورأى ثمرة كفاحه تتجسد في أسرته التي كبرت أمام عينيه. وقد تزوّجت ابنته، وأصبحت بدورها أمًّا، ليصبح إيهاب جدًّا وهو لا يزال يحمل طاقة الشباب في صوته وأحلامه.
ورغم انشغاله بالأسرة والعمل، لم ينسَ الغناء، ولم يبتعد عن الفن، فكان يغني في المناسبات والمواقف التي تُشعره بأنه ما زال يحمل بداخله الفنان الذي ينتظر الفرصة.
محطة الأناشيد الدينية
وفي عام 2023، مرّ الفنان إيهاب بتجربة روحية خاصة، جعلته يتجه إلى الإنشاد الديني، حيث قدم مجموعة من الفيديوهات الدينية بصوته، عبر فيها عن حبّه لله ورسوله، وجسّد من خلالها الجانب النقي من موهبته. كانت تلك المرحلة علامة مضيئة في مسيرته، حيث شعر من خلالها بالقرب من جمهوره بطريقة جديدة.
وقد استمر في هذا اللون الفني لمدة عام كامل، حتى عام 2024، حقق فيه حالة من التواصل الروحي والفني مع متابعيه ومحبيه.
الأغنية الوطنية.. نقطة تحول
لكن نقطة التحول الحقيقية جاءت مع إنتاجه وعرضه لأغنية وطنية مهداة إلى مصر، تلك الأغنية التي صدرت قبل خمسة أيام فقط، وحققت رواجًا وانتشارًا كبيرين في وقت قصير. عبر فيها إيهاب صبحي عن عشقه لوطنه، بصوت صادق خرج من القلب ليصل إلى قلوب الناس.
الأغنية، رغم بساطة الإنتاج، حملت قوة الإحساس وصدق المشاعر، وهو ما جعلها تلامس الجمهور في العمق، وتنتشر بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتفتح للفنان أبوابًا جديدة لم يكن يتوقعها.
الفنان العامل.. نموذج ملهم
ورغم هذا النجاح المفاجئ، لم يترك إيهاب صبحي مهنته، بل لا يزال يعمل في الورشة الميكانيكية، كأنه يريد أن يثبت للجميع أن النجاح الحقيقي لا يعني التخلي عن الجذور، وأن الشغف لا يتناقض مع العمل الشريف.
يمثل إيهاب صبحي اليوم نموذجًا ملهمًا للشباب المصري، الذي يثبت أن الموهبة لا تحتاج إلا إلى الصبر والاستمرار، وأن الطريق إلى الفن لا يُشترط أن يبدأ من الكواليس أو المعاهد، بل يمكن أن يبدأ من أي مكان.. حتى من داخل ورشة ميكانيكا.
المستقبل.. بإذن الله واعد
مع النجاح الكبير الذي حققته أغنيته الوطنية، ومع الدعم الذي بدأ يلقاه من الجمهور والمحبين، يتوقع كثيرون أن يكون للفنان إيهاب صبحي مستقبل كبير في مجال الفن الشعبي، لا سيما وأنه يمتلك ما هو أهم من الصوت: الصدق والتجربة الحياتية العميقة، وهي العناصر التي تصنع الفنان الحقيقي.
ختامًا.. نقول إن إيهاب صبحي ليس مجرد صوت جديد، بل هو قصة كفاح مصرية حقيقية، تحكي عن الحلم، والمهنة، والموهبة، والإصرار. ومن قرية أبو بري إلى قلوب الناس، كتب إيهاب سطوره الأولى في دفتر الفن، ويبدو أن القادم أجمل، بإذن الله.